فصل: أسباب اختيار هذا البحث:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنظمات اليهودية ودورها في إيذاء عيسى عليه السلام (نسخة منقحة)




.إهــداء:

إلى كل باحث عن الحقيقة...
إلى كل من يبحث عن الخلاص...
إلى كل من يتساءل عن ألغاز العالم فلا يجد لها جوابا!!!
فلعله يجد لها في هذا البحث جوابا، وإن كان الجواب ليس مفرحا..
ولكن... قـل الحـق وإن كـان مـرا...
عمر بن عبد العزيز
بسم الله الرحمن الرحيم

.مقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم. إن الدين عند الله الإسلام}. [سورة آل عمران: 18- 19] لم يرتض دينا غيره، ولن يقبل دينا سواه، ولا يفلح إلا أهله، فهو القائل سبحانه: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}. [سورة آل عمران: 85] وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله خاتم النبيين وإمام المرسلين، القائل: «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل» [أخرجه البخاري].
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين (أما بعد):
فإن من سنة الله تعالى في خلقه أن يتصارع الحق والباطل أبدا ما بقي، فقد قام أهل الباطل بجولات وجولات يبغون من وراءها إطفاء نور الله، {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون} [سورة التوبة: 32] وكان من بين أولئك المبطلين، أمتا الضلال والبغي (اليهود والنصارى) اللذان أنكرا رسالة الإسلام ونبوة خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم، وزاد اليهود إنكار عيسى عليه السلام ورسالته، ولم يكتفوا بهذا حتى اتهموه وأمه- عياذا بك اللهم.
وقد تناول القرآن الكريم باستفاضة وإسهاب نفسية أهل الكتاب وقبيح صفاتهم، وتآمرهم ضد الحق، وإن كان لليهود الجانب الأوفى في هذا، ولذلك ارتبط تاريخهم بالمنظمات والدسائس والكيد والحقد والسرية والتخطيط والخيانة والتحريف والتخريف والتزييف.
والمسلم لابد له من معرفة العدو من الصديق، وإدراك الحق من الباطل، وتوقى كيد الكافرين، واستبانة سبيل المجرمين، وقد قال رب العالمين {وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين} [سورة الأنعام: 55] ولقد شهد التاريخ عداء وصراعا بين اليهود والنصارى منذ ان أرسل الله عيسى- عليه السلام_ وآمنت به طائفة، وإلى هذا العصر، وصدق الله العظيم إذ يقول: {وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} [سورة المائدة: 64] ولقد تأثر المسلمون قديما وحديثا بنار العداوة والكيد والدسائس التي قام بها أهل الكتاب- اليهود والنصارى- منفردين ومجتمعين.
ولقد شهد العصر الحديث- خاصة القرن العشرين- أمرا خطيرا تمثل في التحالف بين اليهود والنصارى بعد طول عداء بينهما، وقد حذر الله عز وجل المؤمنين من هذا الولاء، وقرر أن تحالفا وتلاقيا سيكون بين الفريقين، فقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} [سورة المائدة: 51].
وليس هذا تناقضا في كتاب الله تعالى- كما هو الظاهر- ومعاذ الله أن يتناقض كتابه، فآية المائدة هذه تتحدث عن فترة آتية بعد نزول الآيات، فهي لاتصف واقعا في حين نزولها، وإنما تحمل إشارة مستقبلية للعلاقة بين اليهود والنصارى ببعض، وعلاقات المسلمين بهما، وقد توافق التاريخ مع كتاب الله تعالى.
وسنجد في طيات هذا البحث صورة واضحة وتفسيرا حيا للآيتين من خلال الوقائع والأحداث التي ارتبطت بهذا البحث: (المنظمات اليهودية ودورها في إيذاء عيسى عليه السلام).

.أسباب اختيار هذا البحث:

لا أزعم أنني اخترت هذا البحث- شأن طالب الماجستير والدكتوراه- وإنما طلبت اللجنة العلمية العليا، مني هذا البحث، كبحث منهجي لتوفية الأبحاث المقدمة لنيل درجة الأستاذية- بإذن الله تعالى- وهو- وإن لم اختره- لكنه صادف هوى في قلبي ووقع مني موقع القبول والرضا- فهو بحث ثري بمادته ومراجعه، ويخدم الدعوة، ويتناسب مع الواقع، ولا ينأى بي بعيدا عن الأحداث، وفيه تعريف بأساليب العدو، وواقع اليهود والنصارى، سلبا وإيجابا، وبيان معرفة العدو من الصديق وهذا البحث صيحة نذير، ولغة تحذير لأمة الإسلام- على وجه الخصوص- وللعالم كله- على وجه العموم- من الخطر الذي يحدق بهم من كل جانب من شر خلق الله على الإطلاق، وأشد الناس عداوة للذين آمنوا (اليهود). إنه دعوة للنهوض في وجه العدو، والوقوف أمام مخططاته، والحد من مؤامراته، ومنع مواصلة مسيرته.

.المصاعب التي واجهتني أثناء البحث:

أولا: إن الموضوع غنى بمادته ومراجعه العديدة المتنوعة، القديمة والحديثة، والإسلامية وغير الإسلامية، والعربية وغير العربية، فهو موضوع يحتاج أن يكون رسالة (دكتوراه) لا تقل صفحاتها بحال عن خمسمائة صفحة حتى يوفى الموضوع حقه مع الاختصار،
ولما كان هذا البحث بحثا منهجيا للترقية لدرجة الأستاذية، والمطلوب فيه ألا يزيد في عدد صفحاته عن المائة كثيرا، فاضطررت للاختصار الشديد الذي قد يصل إلى حد الإخلال أحيانا.
ثانيا: لقد توافق كتابة هذا البحث، وأنا معار إلى دولة (بنجلاديش) وهى دولة غير عربية، وإن كانت إسلامية، فمكتباتها فقيرة جدا من حيث المراجع العربية، ولم يسعفني في كتابة هذا البحث إلا ما استطعت حمله في حقيبتي من مراجع من مكتبتي الخاصة أثناء سفري، وما قام أخي وحبيبي الدكتور (عبد الله سمك)، بتصويره لي، وقد سعدت بحصوله على درجة الأستاذية، لأنه أحق بها وأهلها، وهذا شكر واجب وتهنئة لازمة.
والمشكلة في هذا إذا قلة المراجع الأصلية التي رجعت إليها، ولذلك أكثرت النقول عنها من غيرها مشيرا بقولي: نقلا عن...

.منهجي في هذا البحث:

1. بعد قراءة موسعة في هذه القضية، استخلصت منها ما يؤيد موضوع البحث، وقمت بكتابته مع الاختصار.
2. ألفت بين ما جمعت من معلومات وأحداث ووثائق تاريخية بأسلوب علمي منسق. بحيث تسلم كل نقطة في البحث إلى التي تليها لتكتمل القضية تأصيلا وتفسيرا وتحليلا.
3. التزمت الحيدة والموضوعية في طرح القضايا وعرضها، فلم أذكر شيئا إلا وعضدته بالأدلة والشواهد والتصريحات التي ترقى إلى الاستدلال بها، غالبا، وذلك مراعاة للاختصار.
4. التزمت الأمانة العلمية في البحث كله، فنسبت كل قول إلى قائله، ومصدره، ذاكرا في الهامش اسم الكتاب، ومؤلفه، والمترجم والمحقق إن وجد، ورقم الجزء ثم رقم الصفحة، ثم دار النشر ورقم الطبعة، وتاريخها إن وجد ذلك. وإن كان النقل فيه تصرف أشرت إلى ذلك، وإن كانت الفكرة دون النص قلت: راجع بتوسع، وإن كان هناك اختصار قلت باختصار، وهكذا.
5. ذكرت بيانات المصدر كاملة في أول مرة واكتفيت بعد ذلك بذكر اسم المصدر ورقم الجزء والصفحة، تلاشيا للتكرار والإعادة.
6. دللت على القضايا من الكتاب والسنة متى وجد هناك دليل، وذكرت عند الاستدلال من القرآن الكريم اسم السورة، ورقم الآية، وعند الاستدلال بالأحاديث النبوية الشريفة اسم المصدر ومؤلفـه، ودرجة الحديث، وكذا الاستدلال بالكتاب المقدس، وبيان الإصحاح ورقم الفقرة.

.خطة البحث:

مقدمة، وتمهيد وبابان، في كل باب فصلان، وفي كل فصل ثلاثة مباحث:
1- أما المقدمة: فقد تضمنت أهمية الموضوع، ودواعي اختياره، ومنهج البحث فيه، ثم خطته.
2- التمهيد: وقد اشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: التعريف بألفاظ الموضوع.
المبحث الثاني: بيان تاريخ المنظمات اليهودية.
*الباب الأول: المنظمات اليهودية بصفة عامة، وفيه فصلان:
الفصل الأول: (المصادر المقدسة لدى اليهود) وفيه مدخل وثلاثة مباحث هي:
المدخل: مصادر المنظمات اليهودية.
المبحث الأول: التوراة.
المبحث الثاني: التلمود.
المبحث الثالث: بروتوكولات حكماء صهيون.
الفصل الثاني: أساليب التنظيمات اليهودية وفيه مدخل وثلاثة مباحث هي:
مدخل: حول (الجمعيات السرية)
المبحث الأول: الماسونية.
المبحث الثاني: الصهيونية.
المبحث الثالث: منظمات يهودية عبر التاريخ (إشارات وكلمات).
*الباب الثاني: دور اليهود في إيذاء عيسى عليه السلام، وفيه مدخل وفصلان:
مدخل: حول السيد المسيح عليه السلام ودعوته في القرآن الكريم.
الفصل الأول: إيذاء اليهود لعيسى عليه السلام وأمه، وفيه ثلاثة مباحث هي:
المبحث الأول: اتهام عيسى بأنه ابن زنا.
المبحث الثاني: اتهامه بالشغب والتجديف.
المبحث الثالث: الزعم بأنهم قتلوه وصلبوه، أو محاولة قتله وصلبه.
الفصل الثاني: إيذاء اليهود للمسيحية، وفيه ثلاثة مباحث هي:
المبحث الأول: جذور العداء اليهودي للمسيحية.
المبحث الثاني: دور بولس في تغيير المسيحية.
المبحث الثالث: إيذاء اليهود للمسيحيين.
الخاتمة وقد اشتملت على أهم النتائج.

.تمـهيـد:

.المبحث الأول: معنى أهم كلمات عنوان البحث:

المنظمات: لغة: جمع منظمة، وهي مأخوذة من نظم، والنظم: التأليف، وضم شيء إلى شيء آخر، والمنظوم- نظم اللؤلؤ ينظمه نظما: ألفه وجمعه في سلك، وانتظمه بالرمح: اختله، والنظام: كل خيط ينظم به لؤلؤ ونحوه، وجمعه نظم، والنظام ملاك الأمر، جمعه أنظمة.
[مختار القاموس للأستاذ الطاهر أحمد الزاوي، صـ 610، ط عيسي البابي الحلبي، ط1 سنة 1373هـ 1964م].
ويراد بها اصطلاحا: اجتماع مجموعة من الناس على أهداف معينة بخطط معدة ومنتظمة.
اليهودية: لغة من الهود وهو الميل والرجوع، وقيل مشتق من هاد يهود، والتهود: التوبة والعمل الصالح، والرجوع إلى الحق، وهود بمعنى اليهود، وهو اسم نبي، ويهود يجمع على يهدان، والمهاودة: الموادعة والمصالحة، وتهود: صار يهوديا، وهاد الرجل: أي تاب ورجع، ولزمهم هذا الاسم لقول نبيهم موسى عليه السلام {إنا هدنا إليك} [سورة الأعراف: 156] أي رجعنا وتضرعنا. وهوده: حوله إلى ملة يهود. ويهود اسم للقبيلة، وقيل: إنما اسم هذه القبيلة يهوذ، فعرب بقلب الذال دالا، {وعلى الذين هادوا} [سورة الأنعام: 126] أي دخلوا في اليهودية.
[لسان العرب لابن منظور، ج6، صـ 4718، بتصرف، ط: دار المعارف، ومختار القاموس، صـ 641 بتصرف].
ودورها: أي ما قامت به من أعمال وتخطيطات وتنظيمات.
في إيذاء: من الأذى، وهو الشيء المكروه، وما يقع به الضرر المادي أو المعنوي.
عيسى عليه السلام: الذي هو رسول الله، وكلمته التي ألقاها إلى مريم وروح منه، وهو المسيح، سمي بذلك لصدقه، أو لأنه مسح بالبركة، أو لأنه كان يمسح بيده على العليل والأكمه والأبرص فيبرئه بإذن الله، أو لأنه خرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن، أو لأنه كان سائحا في الأرض.
نظرة عامة حول اليهودية واليهود:
إن الرسالات من منبع واحد هو الله تعالى، والإسلام خاتمتها، ولذلك كان أشمل وأكمل، فمن طبيعة اللاحق أن يستفيد بالسابق، وأن يضيف جديدا إليه، ومع أن الرسالات من الله فإنه تعالى أعطى الدواء بقدر طاقة المريض، فكان يعطى البشرية من الهدى والتوحيد بقدر ما تحتمله البشرية، وما يناسب عودها الذي بدأ ضعيفا ثم اشتد رويدا رويدا، حتى اكتمل نموها بالرسالة الخاتمة.
هذا وتاريخ اليهودية له أثر كبير في عقيدتهم، بخلاف غيرهم، فالتاريخ الإسلامي مثلا ليس ذا أثر في العقيدة الإسلامية.
ولقد حدثنا القرآن الكريم عن أثر أنبياء بني إسرائيل وصورهم في صورة كريمة، وقد انطبق عليهم القانون الإلهي في اختيار الرسل {الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس} [سورة الحج: 75] فأنبياء بني إسرائيل ككل الأنبياء، صفوة أخيار، وعلى عكس هذا نجد حديث التوراة المحرفة عن هؤلاء، فإن الذين كتبوا التوراة لم يراعوا عند الحديث عن أنبيائهم، إلاّ ولا ذمة، ولم يبدر في حديثهم أي تقديس لهم أو إجلال، فنسبوا إليهم ما يدنس تاريخهم وما ينبو عن الذوق.
وأما عقيدة بني إسرائيل كما صورها القرآن الكريم فإنه صورها سليمة صادقة صافية، لا تختلف عن عقيدة المسلمين كما قال تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط} [سورة النساء: 173].
فالعقيدة الأصلية لبني إسرائيل كانت متمثلة في الإيمان بالله الواحد الأحد، الفرد الصمد، إله الناس جميعا، والإيمان بالملائكة والرسل والكتب واليوم الآخر وما يتصل بذلك من الحساب والثواب أو العقاب ولكن تغيرت معالم العقيدة هذه مع تحريف التوراة، واختراع التلمود، وتقرير البروتوكولات. فاليهود سرعان ما ثاروا في وجه أنبيائهم، ورفضوا الاستجابة لهم، وطرحوا العقيدة التي جاء بها هؤلاء الأنبياء، ثم هاجموهم، وقتلوهم أحيانا، واستبد بهم الضلال والجحود، فعبدوا غير الله، وأنكروا البعث، ونسبوا لأنبيائهم ما لا يمكن أن يصدر من أنبياء أبدا.
ولذلك ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤا بغضب من الله كما قال تعالى: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة} [سورة البقرة: 74] وقال تعالى: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون} [سورة البقرة: 85] وقال تعالى: {من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا واطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا} [سورة النساء: 46].
ومن الناحية الواقعية التاريخية يتضح أن بني إسرائيل أهملوا المصدر الحقيقي للعقيدة وهو السماء، وانساقوا خلف مصادر أخرى، فقد مرت ببني إسرائيل أحداث خطيرة، منذ عاشوا في مصر، ووقعوا بين شقي الرحى في فلسطين، ونفوا إلى بابل، وفي فترة الصراع والتشرد كتبوا العهد القديم ووضعوا التلمود، وبرتوكولات حكماء صهيون- كما سنرى بعد- وأصبحت هي المصادر الواقعية للعقيدة اليهودية.
[راجع بتوسع: اليهودية، د/ أحمد شلبي، صـ 140- 155، ط/ مكتبة النهضة المصرية، (الخامسة) سنة 1978م].
واليهود أمة منعزلة عن سائر الأمم، تكره الاختلاط بغيرها، فهم عاشروا المصريين، ومع ذلك لم يأتلفوا معهم، حتى جاءهم (موسى) عليه السلام، وأخرجهم من مصر، برغم أنهم سادوا أيام (يوسف)- عليه السلام- وكان يمكنهم أن يمتزجوا مع أبناء الشعب بصورة كاملة، وعلى مر العصور لازمتهم جبلتهم، فلقد عاشوا في بلدان عديدة مددا طويلة، ومع ذلك خرجوا منها مطرودين أو محاطين بالكراهية والمقت.
وقد عرف اليهودي المعاصر بأوصافه الخاصة القائمة على حب الذات، والتعصب، ومحاولة فرض السياسة على العالم كله بمنهج مرحلي معتمدا في مسلكه على تعاليم اليهود الأوائل الذين تركوا له كتبا تحدد له المنهج الواجب الاتباع.
فاليهودية بقايا متحجرة، أي أنها مجتمعات استثنائية منعزلة قد بقيت من عصر سابق كما أن المتحجرات سجل باق لأشكال الحياة التي وجدت في الأعصر الخالية.
[دراسات في الأديان (اليهودية) د. أحمد غلوش، صـ 15، بتصرف].
يقول الأستاذ (عباس العقاد): إن أصبعا من الأصابع اليهودية كامنة وراء كل دعوة تستخف بالقيم الأخلاقية، وترمي إلى هدم القواعد التي يقوم عليها المجتمع الإنساني في جميع الأزمان، فاليهودي (كارل ماركس) وراء الشيوعية التي تهدم الأخلاق والأديان، واليهودي (دور كايم) وراء علم الاجتماع الذي يلحق نظام الأسرة بالأوضاع المصطنعة، ويحاول أن يبطل آثارها في تطور الفضائل والآداب واليهودي (جان بول سارتر) وراء الوجودية التي نشأت معززة لكرامة الفرد. مجنحا بها إلى حيوانية تصيب الفرد والجماعة.
[الصهيونية العالمية للأستاذ عباس العقاد، جـ 14، صـ 141، بتصرف من المجموعة الكاملة لمؤلفات الأستاذ العقاد، ط/ دار الكتاب اللبناني، بيروت- لبنان، بدون تاريخ].
لقد عرف التاريخ في بني إسرائيل شر الجماعات التي تصلح أن تكون موضعا لدراسة الآفات الإنسانية لمن شاء أن يدرس ويفكر ويعتبر، ولقد حاول بنو إسرائيل ألا تكون طباعهم السيئة مقصورة عليهم، بل شاءت لهم أهواؤهم وسولت لهم أنفسهم وشياطينهم أن يطرحوا الآخرين معهم في حمأة الأخلاق الفاسدة والمنكرات والرذائل فنظموا لذلك المنظمات، وأسسوا المؤسسات، وهذا يجعلنا نؤكد أنهم جناة على الأخلاق، إذ كل رذيلة من رذائلهم المنطوية عليها صدورهم والجاري تعاملهم بها، قد استطاعوا بمهارتهم وكيدهم أن يجروا الناس إليها، ويطبعوهم عليها زرافات ووحدانا، حتى صار المجتمع العالمي كله اليوم- إلا قليلا ممن عصم الله ورحم- مجتمعا يهودي الصفات والأحوال، وإن لم يكن مجتمعا يهودي الجنس والنسب...
[جنايات بني إسرائيل على الدين والمجتمع، للأستاذ محمد ندا، صـ 209، بتصرف، ط/ دار اللواء، أولى، عام 1984م، بالسعودية / الرياض].
واليهود لا يؤمنون إلا بالمادة ولا قيمة للمعنويات عندهم، ولا وزن للأخلاق ولا نصيب للروح، ولا مكان للمبادئ، ولا محل للصدق والوفاء، ولا وجود للأمانة والحياء، فهذه أمور لا يعرفها اليهود، ولا تعرفها منظماتهم المنتشرة في العالم، وكذا سائر الصفات التي هي فوق كل الغرائز.
وهذا الإيمان بالماديات وحدها يقضي على مقومات الأخلاق الإنسانية والاجتماعية، بل على حقيقة الإيمان الديني، لأن جزءا كبيرا من الدين قائم على ما وراء المادة والغيبيات، ومنه (اليوم الآخر) ولذا نرى اليهود لغلبة المادة وسيطرتها عليهم لا يؤمنون باليوم الآخر وما فيه، وليس أدل على ذلك من أن كتبة التوراة أخلوها من ذكر هذا اليوم، فلم تذكر التوراة شيئا عن الآخرة، ولا عن الملائكة ولم تذكر جنة ولا نارا، وكل ما تعد به المحسنين مادي دنيوي فحسب.
[جنايات بني إسرائيل على الدين والمجتمع، صـ 211- 212، بتصرف].
وذكر الآخرة لم يرد في نص واحد أو صريح، وكل ما ورد فيها من إشارات مثل كلمة (آخرتهم آخرتها) فإنه يحتمل أن تؤول إلى نهاية الأمر.
ولما كانت الحياة الدنيا هي غاية همهم، ومبلغ علمهم، والمادية هي مبتغاهم الأسمى، بل شعارهم الذي يسيرون وراءه لا يضلون عنه، فقد صاروا نفعيين أنانيين يهدمون المبادئ من أجل ذواتهم ويدوسون المصالح العامة في سبيل منافعهم الشخصية، فحملتهم أنانيتهم ونفعيتهم أن يسلكوا كل سبيل ملتو، وكل طريق منحرف للحصول على المال والمنافع، فلم يتورعوا عن الكذب والخداع والغش والنفاق والتضليل.
[المرجع السابق، صـ 215].
وهذه هي التوراة تتحدث عنهم فتقول: لأنهم- أي اليهود- من صغيرهم إلى كبيرهم كل واحد مولع بالربح ومن النبي إلى الكاهن، كل واحد يعمل بالكذب.
[سفر أرمياء، إصحاح، (13)].
ويقول الشيخ الإمام محمد أبو زهرة: لا نجد في اليهود إلا الرياء، وملق الأقوياء والنفاق، وأن يكون للقول ميدان وللعمل ميدان، ولقد أشاعوا النفاق في الأرض حتى توهم الناس أن من لم ينافق ليس بكيس، ومن لم يتملق لم يؤت الحكمة، ومن لم يداهن فهو أحمق، ومن لم يمالئ على الشر فهو داع إلى الفتنة، مثير للسوء، ومن يجهر بالحق فهو معاند مثير للشغب..
إلى أن قال: ولقد نشروا النفاق في الأرض كلها وبثوا له الدعاية بأسماء مختلفة، فمرة بأنه الحكمة وأخرى بأنه الكيس، وثالثة بأنه السياسة الناجحة، حتى أشاعوا بين الناس أن السياسة والأخلاق لا يجتمعان، وذلك قول الزور، ولقد قرر الحكماء حقا وصدقا أن من يقول إن الأخلاق لا تجتمع مع السياسة لم يفهم الأخلاق ولا السياسة، فالسياسة الفاضلة هي والأخلاق متلازمتان لا تنفصلان.
[مجلة لواء الإسلام، عدد شعبان، 1387هـ، صـ 722].
تراهم ينافقون الأقوياء والكبراء والحكام في سبيل أطماعهم والوصول إلى أغراضهم المادية الدنيئة، ويغدرون بالعهود، ويخونون الأمانات ويفجرون في الخصومة، وتلك أهم خصال النفاق تجمعت في اليهود وعلى رأسها خصلة الكذب، إنها شر صفة يتصف بها إنسان على الأرض فهو أساس النفاق والكفر والفساد. وعلى هذه المبادئ أسسوا منظماتهم الدولية، وأقاموا تنظيماتهم السياسية والاقتصادية.. لقد اعوجت نفوس اليهود فأبت إلا أن تحول حياة البشر إلى جحيم، وتسعى لكي تضع نفسها في القمة فوق بني آدم- ولو على جماجم البشر وأشلائهم- مستخدمة في ذلك كل الوسائل ولو كانت الحروب المدمرة للعالمين، فماذا فعلوا من جنايات تقضى، أو قضت على المجتمع الإنساني؟ وما أقاموا من منظمات؟ في بحثنا هذا جواب مختصر لأهم ما فعله اليهود مع المجتمع الإنساني بصفة عامة ومع المسيح والمسيحيين بصفة خاصة، والله الموفق.